2012/02/25

The Artist 2011


The Artist
"الصمت من ذهب" 


ربما يكون فيلم "الفنان" هو أكبر مفاجآت الموسم السينمائي، فلو سمعنا أحداً يتحدث في العام الماضي عن فيلم صامت بالأسود والأبيض ويترشح للحصول على جائزة الأوسكار لقلنا إن هذا جنون مطلق، ولكن يبدو أن الخيال تحول إلى حقيقة، ومن المرجح بشكل كبير أن ينال الفيلم أهم جائزة أوسكارية وهي أفضل فيلم في العام متفوقاً على الكثير من الأفلام التي لم تستطع منافسته في جوائز النقابات ومجموعات النقاد المختلفة.



يدور الفيلم حول السينما بحد ذاتها عندما يعرض لنا حياة فنان شهير اسمه "جورج فالنتين" وهو يمثل في الكثير من الأفلام الناجحة، ويعتبر من أفضل ممثلي عصره، ولكن بمجرد ظهور أول علامات السينما الناطقة يرفض الفنان أن يؤدي أدواراً في هذه الأفلام ويصر على أن السينما الصامتة هي المستقبل الوحيد. ولكن هذا يؤدي إلى فشله المتزايد وإعراض جميع شركات الإنتاج عن أعماله، وعلى الجهة الأخرى تبرز صديقته الشابة "بيبي" حتى تصبح نجمة سينمائية في الأفلام الناطقة بينما تخفت شعبيته بطريقة مروعة.


يعرض الفيلم علينا مخاطر الشهرة، وغرور بعض الأشخاص بها حتى أصبحوا يظنون أنهم على صواب مهما فعلوا، ونرى أثر العناد في التصرف بطريقة غير عقلانية في تدمير الحياة الناجحة التي يعيشها أي شخص ناجح. ولا يبقى له عند ذلك إلا الأصدقاء المخلصون الذين يتجاوزون هذه السلبيات ويحرصون على تقديم المساعدة للعودة مرة أخرى إلى النجاح. وتبرز قيمة الحب الحقيقي في عالم قاسٍ لا يعترف إلا بالمال والأعمال ويقيم الناس على حسب قدرتهم على جني الأرباح.


الفيلم يمثل مخاوف أي شخص ناجح من فقدان مميزاته التي تجعله ينال مكانة عالية في هذه الحياة الصعبة، ويرينا كيف يمكن للإنسان أن يدمر تاريخه المشرق بيديه بمجرد أن يرتكب خطأ واحداً، ويتهاوى بعد ذلك كل شيء كأحجار الدومينو المصفوفة بانتظام وإتقان، ولكن سقوط أحدها يعني سقوط البقية بأكملها.


وكي يخفف المخرج "ميشيل هازانيفيشوس" من قسوة هذه القصة التراجيدية قام بإدخال العديد من العناصر الكوميدية في القصة إلى جانب عناصر حيوية مثل الكلب الصغير الذي يملكه بطل الفيلم "حورج فالنتين" وينجح المخرج باستعادة الأجواء المميزة للأفلام الصامتة عن طريق الديكورات والأزياء المتقنة واستعمال موسيقى رائعة جداً تذكرنا بأيام الكلاسيكيات الخالدة، ولا بد أن أشيد بطريقة استخدام الكاميرا التي جمعت بين كلاسيكية التصوير القديم وحداثة التصوير السينمائي المعاصر، وهذا كان له أثر مهم في جعل الفيلم سلساً إلى حد كبير وممتعاً من الناحية التقنية أيضاً.


وأهم التحديات التي واجهت الفيلم كانت طريقة التمثيل ولكنه نجح بذلك بشكل مبهر، فالممثل الفرنسي الأصل "جان دوجاردان" أذهل المشاهدين بتعبيرات وجهه المتقنة التي تعكس انفعالاته المتنوعة، وهو منافس كبير على أوسكار التمثيل بلا شك، كما قدمت "بيرنيس بيجو" أداءً مقنعاً منحها ترشيحاً أوسكارياً ثميناً. كما كان بقية الطاقم ممتازاً أيضاً، لا ريب في أن المخرج قد عمل بشكل مكثف حتى يستطيع استخراج مثل هذه الأداءات من الممثلين بهذا الشكل الممتاز.


أخيراً الفيلم كما قلت هو مفاجأة الموسم السينمائي، وستكون الفرحة كبيرة عندما نرى الفيلم يعتلي منصة مسرح كوداك ليتوج بالذهب الغالي لجائزة أفضل فيلم، وهو شيء مستحق رغم قوة المنافسين بما فيهم "شجرة الحياة" وفيلم "الأحفاد" ولكن الفيلم يتجه بخطى ثابتة نحو تحقيق إنجاز تاريخي مؤكداً على المقولة الشهيرة: "إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب".
صمت سينمائي كبير ربما يتفجر بكلمات بليغة معبرة بعد أقل من يومين في حفل الأوسكار المنتظر..


تقييمي الشخصي: 10\10

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم