2012/02/15

The Descendants 2011



The Descendants
"مزيج جميل من الألم والحب"


من الجميل أن ترى عائلة متماسكة يحب أفرادها بعضهم، ويتعاونون لتخطي كافة الصعوبات والمشاكل التي تواجههم في حياتهم. ولكن الأجمل من ذلك عندما ترى عائلة متفككة تبني نفسها من جديد لتعود إلى سر الحياة الأصيل، وهو الحب الحقيقي الذي يجعل من العائلة وحدة متماسكة في بناء المجتمع.



يحكي فيلم "الأحفاد" قصة "مات كينج" الذي يعيش في هاواي مع ابنته الصغيرة فيما يبدو الحياة المثالية للكثيرين فكل شيء متوفر لديهم من أموال ومنزل جميل، ومناظر هاواي الخلابة المعروفة بجمالها الأخاذ، ولكن من قال إن الحياة تتعلق بهذه المظاهر فقط ؟ فعندما تأتي المشكلات تتحول الحياة إلى جحيم حقيقي رغم وجود كل هذه المغريات. ولذلك فإن إصابة زوجة "مات" أثناء ركوبها أحد القوارب في البحر ودخولها حالة إغماء عميقة في المستشفى تدفع كل العائلة لإعادة ترتيب حساباتهم.


يتناول الفيلم قضية مهمة وهي قلة اهتمام أحد الأبوين بالعائلة وهذا ما يؤدي إلى تفكك العائلة وتباعد أطرافها، ويتم تأكيد ذلك من خلال إلقاء اللوم بشكل غير مباشر على "مات" بسبب انشغاله السابق بأعماله والذي أدى إلى ابتعاد زوجته عنه وانسياقها وراء البحث عن شخص غيره يستطيع أن يؤمن لها الاهتمام الذي تستحقه، ثم ضياع ابنته الشابة في الحياة الفاسدة للمراهقين والشباب وتبلد مشاعرها تجاه عائلتها مما دفعها إلى البقاء في السيكن الداخلي لمدرستها بعيداً عنهم جميعاً، وأخيراً ابنته الصغيرة التي ما زالت في طور النمو ولكنها تعلمت الكثير من الألفاظ النابية مما يجعلها تسير في الطريق الخاطئ أيضاً. والمؤلم في الأمر أن "مات" يكتشف هذا متأخراً بعض الشيء، بعد أن حدث لزوجته ما حدث ولم يعد بإمكانه إلا إصلاح الجزء المتبقي من عائلته ألا وهو ابنتاه، والإبقاء على إرث عائلته رغم إصرار الأحفاد على بيع ممتلكاتهم في هاواي ليحصلوا على المال أخيراً.


اقتراب "مات" من ابنتيه مرة أخرى يبين له كم كان بعيداً عنهم، ويستطيع الفيلم تشكيل علاقة أسرية جميلة تبدأ باردة بعض الشيء، ولكن التفاعل بين أفراد العائلة وتعاونهم مع بعضهم في هذه المحنة لا يلبث أن يعيد الحرارة المفقودة فيما بينهم. كما يركز العمل على معنى الفقدان الذي ظهر بشكل مؤثر، ويبتعد بشكل كبير عن كل المشاعر الكاذبة التي تحاول الكثير من الأفلام إظهارها لإعطاء سمة درامية عاطفية، بل على العكس فقد تمكن "ألكسندر باين" من طرح القصة بواقعية كبيرة، ونسج المشاعر العاطفية بشكل معبر وبسيط.


القضية الأخرى التي حاول الفيلم مناقشتها هي قابلية إصلاح الأمور بعد فسادها، وطرح تساؤلاً حول إمكانية الناس على مسامحة بعضهم مهما فعلوا، فـ "مات" يضع مشاعره كلها جانباً ويحاول أن يغفر لزوجته ما فعلته من وراء ظهره، بل على العكس فهو يأبى أن يفضح الرجل الذي دمر عائلته ووضعه في موقف مؤلم أثناء مرحلة صعبة جداً من حياته. وبذلك فالفيلم قدم عبرة أخلاقية مميزة رفعت من قيمة الفيلم كثيراً.


الأداء التمثيلي كان مميزاً جداً وكل الطاقم بدى متماسكاً في كل مشاهد الفيلم والفضل بهذا يعود إلى رؤية المخرج "ألكسندر باين" الذي استطاع أن يوفق بين عناصر قصته ويستخرج من الجميع أداءً جميلاً لا يمر مرور الكرام، وحتى الابنة الصغيرة في الفيلم قدمت دوراً مميزاً يليق بفيلم أوسكاري كبير، ولا أنسى دور "جورج كلوني" الرائع الذي أعطى كل ما لديه ليظهر مشاعر القلق والحب والتأثر والألم بكل براعة، وحتى لمساته الكوميدية كانت حاضرة في العمل.


أخيراً يمكنني القول إن الفيلم من أفضل أفلام العام بالتأكيد، ويبتعد عن طرح القصة بطريقة إثارة المشاعر المبتذلة، بل على العكس فهو يضع المشاهدين أمام قصة بسيطة ولكنها معبرة ومؤثرة، ممتعة للجميع، وفيها أفكار عائلية وأخلاقية رائعة ميزت الفيلم وأعطته قيمة عالية تجعله مرشحاً كبيراً في العديد من الجوائز الأوسكارية، ولعل أهمها جائزة أفضل فيلم في العام.


تقييمي الشخصي: 10\10

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم