2012/02/21

Hugo 2011


Hugo
"جولة في أحلام سكورسيزي الخاصة"


كانت المفاجأة الكبيرة لكل متتبعي السينما هي تخلي المخرج النيويوركي العجوز "مارتن سكورسيزي" أخيراً عن أفلام الجريمة والعصابات والغموض التي اشتهر بها طيلة مسيرته، حيث اتجه لعمل فيلم لا يمت لهذا بأي صلة ليخرج لنا فيلم "هوجو" الذي جاء بنكهة الأفلام العائلية المناسبة للأطفال، ولكن لم يكن خافياً على أحد لمسة المخرج المخضرم وقدرته على استخراج تحفة جديدة لا تقل بهاء عن أي من أفلامه السابقة، بل كان فيلمه هذه المرة نابضاً بالحياة أكثر، يشع بالألوان البراقة ويتألق بقصة درامية مميزة.



يبدأ "سكورسيزي" بتعريفنا بالشخصيات الأساسية للقصة بسرعة وبراعة فنرى الطفل "هوجو" الذي يسكن في محطة القطار بعد أن توفي والده وتركه وحيداً إلا من صحبة رجل آلي معدني يعيد له دائماً أجمل الذكريات ويحثه على إصلاحه لمعرفة الرسالة التي من المفترض أن يكتشفها بنفسه. وتدور أغلب الأحداث في محطة القطارات حيث يعمل الشرطي غريب الأطوار والذي يحاول أن يلقي القبض على "هوجو" أكثر من مرة ليرسله إلى الميتم، وأخيراً نرى الأب "جورج" الذي يمتلك محلاً لإصلاح الألعاب الميكانيكية في المحطة وابنته المتبناة "إيزابيل" التي تتعرف على "هوجو" وترافقه في مغامرته المثيرة، وبهذا عرفنا "سكورسيزي" على كل الشخصيات الأساسية التي تبدو للوهلة الأولى عادية الملامح وليس فيها شيء يميزها، ولكننا ما نلبث أن نكتشف الأشياء الكامنة والذكريات الغريبة لكل واحد من الأشخاص وتزداد القصة إمتاعاً أكثر فأكثر.


"سكورسيزي" في النصف الثاني من الفيلم كشف لنا عن كثير من المنحنيات الدرامية التي دفعت القصة وحولتها من مجرد قصة للأطفال إلى دراما إنسانية معبرة أفرغ فيها "سكورسيزي" كل ما يستطيع من فنه التقني على صعيد التصوير والمؤثرات، والأهم من ذلك شحنة عاطفية كبيرة تربط كل الشخصيات مع بعضها، وتبرز أحلام "سكورسيزي" التي رآها تتحقق أمام عينيه في صورة ذكريات الأب "جورج" الذي يستعيد أمجاد الماضي عندما كان مخرجاً شهيراً للأفلام السينمائية. وتمتزج القصة دائماً بلمسات "سكورسيزي" وإبداعه البصري في تحية للأفلام التي ظهرت في بداية السينما، ولا سيما الصامتة منها، والتي كان لها أثر كبير في تعلق الناس بالفن السينمائي وحبهم للسينما منذ بداياتها الأولى.


ويبقى أبرز ما يميز الفيلم هو الخروج عن المألوف في قصص الأفلام العائلية فالفيلم نجح بصنع أبعاد حقيقة للشخصيات حتى نفهم مشاعر وصفات كل شخصية ونتفاعل معها، ويبرع الفيلم في إظهار المشاعر المتناقضة كالحزن والفرح، وفيه الكثير من الجدية ولكن فيه قدراً كبيراً من المرح القادر على رسم ابتسامة كبيرة على وجوه المشاهدين طيلة الوقت. وأرى أن السيناريو نجح في تقديم نص سينمائي يجتذب الكبار والصغار على حد سواء.


أخيراً يمكنني القول إن الفيلم هو نجاح جديد للمخرج "مارتن سكورسيزي" يضيفه إلى نجاحاته السابقة مؤكداً بذلك أنه ليس مخرج الصنف الواحد، بل هو قادر إذا أراد أن يحلم كالأطفال ويمنحنا شعور البهجة والسرور عبر منحنيات قصته الدرامية المؤثرة التي تحتفظ بأسرارها وإثارتها للنهاية ضمن إطار تقني وفني مبهر أكثر من أي من أفلام "سكورسيزي" الماضية. ترشيحات أوسكارية مستحقة بامتياز، وأعتبر العمل تحفة فنية مميزة يمكنني إعطاء العلامة التامة مرتاح البال..


تقييمي الشخصي: 10\10

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

طيب فين أشوفه أون لاين على الايباد ومشكور

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم