2011/09/07

The Beaver 2011

"بوستر الفيلم"
The Beaver
"القندس يعيد الحياة إلى ميل غيبسون من جديد"

 نشهد في هذا العام تحول الكثير من الممثلين الكبار إلى مخرجين، وللصدفة أن هؤلاء الممثلين جميعاً حائزون على جائزة الأوسكار ولذلك فهم يشاركون في أفلامهم كممثلين أيضاً، ولم يكتفوا بمهام المخرج فقط. حيث رأينا "توم هانكس" يخرج فيلم (لاري كراون) ويؤدي دور بطولته أمام "جوليا روبرتس"، أما "جورج كلوني" فيعود برابع تجاربه الإخراجية السينمائية في فيلم (منتصف شهر مارس) الذي سيصدر في نهاية الموسم، ولكن ربما يبقى فيلم (القندس) من إخراج "جودي فوستر" أحد أقرب الأفلام إلى القلب، لأنه فيلم بسيط وممتع بنفس الوقت ويقدم قصة درامية غريبة لم نعهد مثلها من قبل.

يحكي الفيلم قصة رجل يدعى "والتر" يعاني من مرض نفسي خطير مما يجعله يدخل في نوبات من الاكتئاب ويتركه بدون عائلة أو مقربين، محطماً نفسياً وعاجزاً عن فعل أي شيء. حيث يبدأ الفيلم بتعريفنا بحياة "والتر" التعيسة بعد أن تخلت عنه عائلته وأصبح يعاني اضطرابات شديدة، ولكن تخطر على باله فكرة مجنونة وهي ارتداء دمية على شكل قندس في يده اليسرى وبذلك يستطيع التحدث مع نفسه ومع الآخرين من خلال هذه الشخصية الوهمية التي اختلقها بنفسه. وقد تبدو هذه الفكرة غريبة وغير مقنعة ولكن طريقة الفيلم في عرض الأحداث تجعلنا نؤمن بجدوى هذه الفكرة مع الزمن، وخصوصاً مع أداء "ميل غيبسون" البارع في دور "والتر" عندما يقوم بتغيير صوته ولكنة كلامه عندما يتحدث من منظور القندس وهذا ما أعطى متعة إضافية للفيلم.

حياة "والتر" تعود إلى التحسن مرة أخرى بوجود القندس، فيرجع إلى عائلته المكونة من زوجته (جودي فوستر) وابنه الصغير الذي أعجب بالقندس كثيراً وأحبه، وأخيراً ابنه الشاب الذي لم يتقبل الأمر برمته وخاصة في ضوء المشاكل السابقة التي عاني منها مع والده عندما كان مريضاً. أما عمل "والتر" فيعود إلى الازدهار من جديد حيث يستغرب الموظفون في البداية من سلوك رئيسهم الذي عاد إليهم من جديد مرتدياً في يده دمية متحدثة، ولكنهم ما يلبثون أن يلمسوا التغير الإيجابي الواضح في شخصية "والتر" الذي يقود الشركة في خطط مبدعة ليعيد لها المكانة والأرباح من جديد.

كما تتفرع القصة في منحى مختلف عندما نرى علاقة الابن الشاب مع زميلته في المدرسة، لتأخذ الأحداث مساراً درامياً رومانسياً جميلاً. ولكن بما أن دوام الحال من المحال فإن "والتر" يعود إلى المشاكل السابقة من جديد لأن الناس من حوله أصابهم الملل من دمية القندس التي يرتديها ويتحدث من خلالها. وبعد هذه المشاكل تعود زوجة "والتر" إلى تركه مرة أخرى ليبقى وحيداً منكسر القلب ولا يعرف هل هو على صواب أم أنه بدأ يسلك طريق الجنون مرة أخرى بسبب هذا القندس الذي جلب له شهرة واسعة في التلفاز ووسائل الإعلام كافة على أنه الدمية التي أنقذت حياته من الدمار.

يعيش "والتر" في حالة من انعدام الوزن وتبدأ شخصية القندس بالسيطرة على حياته الطبيعية وتنشأ لديه حالة من انفصام الشخصية، وكل محاولاته للتخلص من هذه المشاكل ذهبت أدراج الرياح، وقدمها لنا الفيلم في مشاهد نفسية مؤثرة ترينا مدى تدهور الحالة التي وصل إليها "والتر" فهو بعد أن وصل إلى كل شيء سحب البساط من تحته ورجع إلى البؤس والشقاء والتعاسة.

أداء "ميل غيبسون" يذكرنا مرة أخرى بأنه ما زال ذلك الممثل البارع الذي طالما أبهرنا بأدواره المبدعة، مؤكداً على أنه لم ينتهِ فنياً بالرغم من كل المشاكل التي تحيط بحياته الشخصية في الواقع، ويتولد لدينا عند مشاهدة فيلم "القندس" شعور بأن "ميل غيبسون" يحكي لنا قصة حياته ومأساته وآلامه الحقيقية لأنه ليس أفضل حالاً من شخصية "والتر" المحطمة التي يجسدها في الفيلم. ولكن "غيبسون" يؤكد بأدائه المبهر أنه قوي فعلاً ويستطيع العودة إلى طليعة الممثلين الذين نحب أن نراهم يتألقون على الشاشة باستمرار.

ومن الناحية الإخراجية فالفيلم حمل لمسة هادئة ولطيفة من "جودي فوستر" التي جعلت أحداث الفيلم تنساب بسلاسة أمامنا وحملت لنا دفعة درامية مؤثرة في الفيلم الذي تميز بالواقعية شديدة, وذلك بالاستناد إلى نص جميل من تأليف "كايل كيلين"، ورغم المبالغات أحياناً في النص السينمائي إلا أن القصة معبرة بشكل كبير وتستطيع أن تؤثر في جميع المشاهدين وتجعلهم يتفاعلون مع "والتر" وقصته الغريبة.

ولا يمكنني القول في النهاية إلا أن فيلم "القندس" سيعجب الكثيرين عند مشاهدته فهو قادر على رسم البسمة على الوجوه في بعض الأحيان، كما أنه يجعل دمعة صغيرة تتشكل في عيون أقسى المشاهدين قلباً. والفيلم يستحق المشاهدة فعلاً لأنه يقدم قصة دافئة ومؤثرة. ويكفي أن بطل الفيلم هو "ميل غيبسون" الذي نرجو أن يبقى في المستوى الفني العالي الذي ظهر به في الفيلم لأن ذلك سيضمن له البقاء في الذاكرة بين الكبار بكل تأكيد.


 



تم تحرير هذه المراجعة السينمائية للعدد الثالث عشر من مجلة السينما التي تصدر عن منتدى السينما العالمية - منتديات ستارتايمز.





0 التعليقات:

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم