2011/09/01

Rango 2011

Rango
"جوني ديب الحرباء في أنيميشن بنكهة الويسترن"




قد يظن البعض أن أفلام الأنيميشن هي للصغار فقط، وهذا يمكن أن يكون صحيحاً في بعض الأحيان، ولكن هناك أفلام يوحي مظهرها الخارجي أنها موجهة للصغار إلا أن الذي يغوص في خفاياها ويتابعها يلاحظ أنها ذات قيمة حقيقية تناسب كافة الأعمار وتقدم لكل مشاهد ما يريده.
فالأطفال يريدون فيلماً مليئاً بالحركة والإثارة والمتعة، بينما لا يكتفي الكبار عادة بهذه الأشياء لأنهم يبحثون عن قصة معبرة وذات مغزى، وهذا ما نجده في عدة أفلام أنيميشن وخصوصاً التي تنتجها شركة "بيكسار" مثلاً. ولكن هذا العام أصدرت شركة "باراماونت" فيلم "رانغو" الذي ينتمي لهذه النوعية من الأفلام، ويقدم تجربة فريدة وممتعة ومفيدة بنفس الوقت.

يحكي الفيلم قصة حرباء خضراء اسمه "رانغو" يجري له حادث فيجد نفسه وحيداً وضائعاً على الطريق العام في مكان مجهول من الغرب الأمريكي، وهنا تبدأ المغامرة والإثارة لأن المكان الذي ضاع فيه "رانغو" غريب بالنسبة لعالمه الصغير الذي كان داخل حوض زجاجي مع سمكة بلاستيكية ودمية مكسورة، وهنا يبدأ "رانغو" بالتساؤل حول موقعه من هذا العالم الغامض وتقوده المغامرات المثيرة وغير المتوقعة نحو بلدة أمريكية تسمى "Dirt" وفيها نبدأ بالتعرف على شخصية "رانغو" أكثر. فهو لديه من العفوية ما يجعله قادراً على إقناع الآخرين من حوله بكل بساطة، كما أنه يتمتع بروح مرحة تستطيع زرع النشاط والحيوية في كل المكان يذهب إليه.

وبمجرد أن يتعرف سكان البلدة البسطاء على "رانغو" ينصبونه في منصب الشريف المسؤول عن أمن البلدة خلفاً للكثيرين من قبله الذين ماتوا وهم يؤدون هذا الواجب الخطير، وتقع على عاتقه مهمة حماية بنك البلدة الذي لا يحوي إلا مخزناً من المياه لأن الماء هو أندر عنصر يمكن وجوده في مثل هذه الصحراء القاحلة. وعندما تتم سرقة البنك بواسطة مجهولين يكون على "رانغو" أن يشكل فريقاً للبحث عن الجناة الذين سرقوا مورد الحياة الأول الذي يعتمد عليه الناس في حياتهم.

أثناء مهمة البحث تتوالى الأحداث الخطيرة والممتعة بنفس الوقت، ونخوض مع "رانغو" أكثر اللحظات إثارة من قتال مع عصابة يحتمل أنهم سرقوا الماء إلى طيران فوق سماء الصحراء الرملية الواسعة، ويكون "رانغو" دائماً هو الأمل لسكان البلدة لإيجاد الخطط والحلول المناسبة لينفذوا مهمتهم في استعادة الماء المسروق. ولكن دائماً ما يكون الأمر أكبر من مجرد عملية سرقة بسيطة فهناك من دبر مؤامرة كبيرة لسرقة لماء وذلك للسيطرة على موارد البلدة ومصدر حياتها الأساسي تمهيداً لمد النفوذ بشكل كامل والحصول على مفاتيح القوة والسطوة.

يواجه "رانغو" الكثير من المصاعب ويتعرض لمخاطر كبيرة لا تخطر على البال، ولكنه يبقى مؤمناً بهدفه في هذه الحياة وهو أنه وُجِد ليقدم شيئاً للعالم من حوله، وتسير الأحداث بكل ثبات دون أن تفقد أياً من العناصر الثلاثة التي ميزت الفيلم من أوله إلى آخره وهي: الإثارة والكوميديا والعبرة. إذ أن الفيلم يحوي إسقاطات عديدة وأفكاراً مهمة حاول أن يناقشها من خلال الأحداث، وهذا بفضل السيناريو المبدع الذي اشترك في كتابته المخرج "غور فيربنسكي" بنفسه معتمداً على خبرته السابقة من سلسلة "قراصنة الكاريبي" التي احتوت كذلك قدراً وافراً من الإثارة والكوميديا، وقد استطاع المخرج برأيي من موازنة عناصر الفيلم لينتج لدينا عمل مسلّ ومفيد وممتع.

ومن أبرز العوامل التي ساهمت في نجاح الفيلم هي الموسيقى التي اشترك في كتابتها الموسيقار البارع Hans Zimmer الذي سبق له الترشح للأوسكار مرات عديدة، وقد جعل الموسيقا في الفيلم عنصراً محورياً لوضع المشاهدين في أجواء الويسترن التي تميز الفيلم، وكان مصدر الموسيقا أحياناً في الفيلم أربع بومات خفيفة الظل تظهر بين المشاهد بشكلها الغريب مرتدية القبعات المكسيكية لتعزف لنا ألحاناً مميزة تضفي جواً من المرح والظرافة على الفيلم. وتبقى المؤثرات البصرية أروع ما يميز الفيلم بشكل عام حيث تم إعطاء المهمة لشركة مميزة وهي ILM التابعة للمخرج "جورج لوكاس" صاحب سلسلة "حرب النجوم" ومن اسم هذه الشركة الكبير نتأكد أن المؤثرات والرسوميات ثلاثية الأبعاد تتمتع بأعلى المستويات من الإتقان والإبداع ومليئة بالألوان الجميلة التي تعطي الفيلم غنىً بصرياً واضحاً.

الشخصيات في الفيلم متنوعة وذات معالم واضحة، وقد تمكن الممثلون من إعطاء انطباع مميز عن هذه الشخصيات بأدائهم الصوتي، بدءاً من "جوني ديب" المبدع الذي أدى صوت "رانغو" ومنح الشخصية حيوية وعفوية ولمسة كوميدية محببة للنفس، مروراً بشخصيات سكان البلدة مثل الآنسة "بينز" التي أدت صوتها الممثلة الشابة "آيلا فيشر"، وانتهاء بالأصوات الشريرة مثل صوت الممثل البريطاني "بيل ناي" ليعطي لشخصية الأفعى الضخمة الكثير من طابع الشر والخطورة، وقد كانت كافة اختيارات الطاقم التمثيلي مميزة وهذا ما انعكس إيجاباً على قوة الفيلم وجماله من الناحية التقنية والفنية.

سأختم بقول "رانغو": "ستأتي أوقات تشكون فيها بأنفسكم، عندما تشعرون بالانهزام أمام زلازل الحياة، في تلك اللحظة... تذكروني"، وبالتأكيد كل من شاهد فيلم "رانغو" سيبقى يتذكره لفترة جيدة، وتعلق في ذهنه صورة الحرباء الخضراء التي لو احتوى العالم عدداً أكثر منها لكان ذلك كارثة، ولكن وجود حرباء واحدة من هذا النوع سيقدم متعة وتسلية بلا حدود. وطبعاً فالفيلم مرشح قوي للجوائز الكبرى في هذا الموسم بسبب نجاحه من كافة النواحي التقنية والفكرية والفنية، ويبقى عملاً مميزاً ترفع له القبعات احتراماً وإعجاباً.

تم تحرير هذه المراجعة السينمائية للعدد 13 من مجلة سينما التي تصدر عن منتدى السينما العالمية - منتديات ستارتايمز..


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم