2012/09/04

Dark Shadows 2012



Dark Shadows
"الأسطورة ضاعت بين الظلال"


لطالما كان اجتماع الممثل "جوني ديب" مع صديق مسيرته السينمائية المخرج "تيم برتون" عامل جذب للكثيرين، وذلك لما رأيناه سابقاً من نجاح لهذا التعاون تجلى بعدد من الأفلام التي نجحت على الصعيد الجماهيري، وتركت بصمة واضحة في السينما الحديثة. ولهذا السبب كان اجتماع الثنائي الفريد مؤشراً إيجابياً لنكون أمام فيلم جديد يحمل لمساتهما. وفيلمنا الذي سنتحدث عنه اليوم لا يخرج كثيراً عن الوصفة السينمائية التي اعتاد "ديب" و "برتون" أن يقدماها لنا سوية. فهناك القصة الغريبة، والشخصيات الفنتازية والعوالم الغامضة والألوان الجذابة مع بعض السوداوية التي لا تطغى على سمات البراءة التي نراها دائماً في أفلامهما.


القصة هذه المرة أكثر جدية من آخر تعاون بين "ديب" و"برتون" حيث ابتعدا عن عوالم "أليس في بلاد العجائب" ليدخلا عالماً آخر مليئاً بالغموض والإثارة، أو بالأحرى هذا ما تنبِؤنا به مقدمة الفيلم وافتتاحيته. حيث نتابع قصة "برناباس كولينز" الذي يقوم بدوره "جوني ديب" بعد أن تم حبسه لأعوام طويلة في قبر مظلم من قبل الساحرة التي كانت تحبه، بعد أن قامت بتحويله إلى مصاص دماء. وبعودة "برناباس" بالمصادفة إلى الحياة يبدأ بالتعرف على معالم الحياة العصرية الجديدة التي تغيرت عليه بعد سنوات سجنه المديدة، ويعود إلى أفراد عائلته الجدد، والذين يتميزون جميعاً مثله بغرابة الأطوار.

لن أكمل القصة وسأترك متابعة تفاصيلها لمن يريد ذلك، ولكني أرغب في التحدث قليلاً عن بعض ما رأيته في الفيلم. أولاً الشخصيات قدم لها "برتون" بشكل جيد، وعرفنا عليها بسرعة بعد افتتاحية الفيلم مباشرة، وأدخلنا في أجواء الغرابة والغموض السوداوي التي يعيشونها. ولكني رأيت هنا تقليداً واضحاً لقصة وأجواء عائلة Addams Family التي اشتهرت سابقاً بالعديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والقصص المصورة. ولكن "برتون" مزج الأجواء الغريبة لهذه العائلة ببعض البهرجات اللونية، والكوميديا الخفيفة، ونجح في صنع بعض المرح في أنحاء قصته.

إلى هنا يبدو كل شيء جميلاً، ولكن السلبية الأساسية في هذا الفيلم كانت السيناريو الذي لم يرقى إلى الاستفادة من كل العناصر التي قام بخلقها في بداية الفيلم، بل إنه أخذ بمعالجة القصة بشكل سطحي، وكانت الحوارات في كثير من الأحيان تافهة أو غير مفيدة، ونلمس في عديد من النواحي جملاً نمطية مكررة أضعفت بناء القصة كثيراً، وأخيراً أتت المصيبة الأكبر عندما بدأ الفيلم بخسارة جماهيره، فأنت عندما تريد مشاهدة فيلم كهذا فإما أنت تكون محباً للأجواء الفنتازية، وهذا ما ضيعه الفيلم بمزج الكوميديا بطريقة فظة أحياناً. وإما أن تكون محباً للأجواء الغامضة والمخيفة، ومن هذا المنطلق نجح الفيلم بصنع بعض ملامح أفلام الرعب بديكوراته والملابس المستخدمة، واستحضار بعض أجواء الرعب القوطي، ولكنه ما لبث أن ضيع على محبي هذا النوع جزءاً من المتعة بتشتت السيناريو بين الكوميديا والفنتازيا، وهذا ما أنقص من درجة إقناع الفيلم كثيراً. والحالة الأخيرة وهي الأهم وهي أن تكون محباً لأفلام "تيم برتون" ولكن الفيلم أبعد شريحة واسعة من مشاهدي الفيلم وذلك بتضمنه لبعض المشاهد غير اللائقة والتي كان من الممكن التعامل معها بشكل ألطف ليكون الفيلم عائلياً وممتعاً للجميع. وأرى أن الفيلم سقط من ناحية الموازنة بين عناصر السيناريو من حيث الكوميديا والغموض والدراما. فكان كل مشهد جيداً لوحده، ولكن عندما ننظر إلى القصة ككل فهناك عدم تماسك واضح يبطئ حركة الفيلم ويسلبه كثيراً من الإقناع.

"جوني ديب" كان كالعادة مبدعاً في أداء دوره، ولكن لا يوجد شيء إضافي مبهر بعد أن قدم رفقة "برتون" العديد من الشخصيات المشابهة. وكانت جاذبية هذا الممثل واضحة في أغلب مشاهد الفيلم، إلا أني لم أشعر بالتكامل بين أدائه منفرداً وأداء بقية الممثلين من حوله، بل إن كل واحد من الممثلين كان يؤدي دوره كأنه في فيلم منفصل، وربما لا يكون هذا ملحوظاً بشكل كبير، ولكن الشخصيات لم تكن متماسكة كثيراً وهذا يعود بنا مرة أخرى إلى ضعف السيناريو. وبالرغم من هذا كانت الأداءات في بعض الأحيان جيدة وممتعة مع أن عيبها الأساسي هو قلة التماسك وعدم الحفاظ على نفس المستوى والرتم في كل الفيلم.

بالانتقال إلى إيجابيات الفيلم فأهمها جمال الأجواء التي استحضرها الفيلم من سبعينيات القرن الماضي، واستحضر معه ثقافة البوب والروك الموسيقية وكانت الديكورات والملابس وكافة الأمور الجمالية الفنية في الفيلم على درجة عالية من الإتقان، واختيار الموسيقى كان موفقاً بدرجة جيدة، ولا داعي لذكر بهاء التصوير وجمالية الإضاءة والظلال التي تعتمد في كثير من الأحيان على المؤثرات البصرية التي تمتاز بها أغلب أفلام "تيم برتون" الحديثة. وأرى أن الفيلم كان ناجحاً من جميع النواحي التقنية.

وكخلاصة لكل ما سبق فالفيلم ممتع، وفيه بعض المشاهد الجميلة. ولكن إذا كنت تشاهد هذا الفيلم لأنه نتيجة تعاون "تيم برتون" مع "جوني ديب" فسيخيب أملك على الأغلب وإن كان ذلك بشكل جزئي. وأكاد أجزم أن هذا هو أضعف تعاون بين هذا الثنائي طوال مسيرتهما المشتركة. ولكن كل هذا لا يمنع من أن الفيلم ينجح أحياناً بصنع المزيج الغريب المألوف بين الكوميديا والدراما والفنتازيا، مع أنه لا يتمكن من الموازنة بينها بالشكل المطلوب. صحيح أن فيه بعض اللمسات الجميلة ولكن فيه بعض سقطات السيناريو تجعل منه فيلماً ممتعاً فقط، ولا يرقى إلى كل الآمال التي كانت معقودة عليه. وأخيراً أعتقد أن "برتون" و"ديب" قد وصلا إلى نهاية ما يمكن أن يقدماه معاً، وأؤيد بشدة أن يكون هذا آخر عمل مشترك بينها. لأننا استمتعنا بكل أفلامهما السابقة ولكن للأسف يبدو أنه لا جديد لنراه بعد الآن..

تقييمي الشخصي: 7\10

2 التعليقات:

Abdullah يقول...

أتفق معك أنه أضعف تعاون مابين جوني وتيم. لايُقارن إطلاقاً بأعمالهم السابقة. أيضاً أتفق معك أن من إيجابيات الفيلم ألوانه ومؤثراته البصرية وأزياءه وديكوراته وحقبته الزمنية, بالإضافة للصدام الثقافي الذي تعرضت له شخصية جوني ديب. بالرغم من أن أداء الشخصيات الأخرى كان ممتاز, إلا أني أرى أن أحد أكبر إيجابيات الفيلم هو وجود الرائعة هيلينا بونهام كارتر. لاأعتقد أني كنت سأستمتع به بنفس الدرجة لولا وجودها, أضافت نكهة خاصة بأداءها المتقن والمميز.

أعجبتني كثيراً النقطة التي تطرقت فيها لسلسلة أفلام ومسلسلات Addams Family, فقد كنت مغرماً بها في الطفولة ولم تخطر على بالي إطلاقاً أثناء مشاهدتي لدارك شادوز!

الفيلم بشكل عام سبب لي خيبة أمل ولم يعجبني. 4/10
إستمتعت بقراءة تحليلك الجميل وأتطلع للمزيد من مراجعاتك.
شكراً لك :)

ATarakji يقول...

شكراً جزيلاً على تعقيبك والإضافة التي قدمتها،
هيلينا بونام كارتر هي الفاكهة في أغلب أفلام "تيم برتون" بما أنها زوجته، وأوافقك أن أداءها جيد بالفيلم فهي تتقن مزج الأداء الدرامي ببعض الكوميديا في وقتها المناسب.

نورت المدونة بوجودك أخي عبد الله،
تحياتي لك..

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم