2012/09/17

Prometheus 2012



Prometheus
"رحلة لاكتشاف المجهول"

يعتبر المخرج البريطاني "ريدلي سكوت" أحد أبرز الأسماء في مجال أفلام الخيال العلمي، وذلك عندما بدأ سلسلة Alien عام 1979 ثم أتبع هذا الفيلم بعمله الشهير Blade Runner وهذا رسخ له مكانة مهمة، وأثبت قدرته الكبيرة على صناعة عوالم خيالية مليئة بالإبداع مع الاعتماد على مؤثرات بصرية خارقة للعادة لم يكن من المعتاد استخدامها بهذه الكثافة. ولهذا كان نبأ عمله على فيلمه الجديد Prometheus خبراً ممتازاً للكثيرين من عشاق أعماله السابقة، وخصوصاً أن "سكوت" أشار إلى أن هذا الفيلم يمكن أن يعتبر كمقدمة لفيلمه الرائع Alien، مع أن هذا الفيلم يمكن أن يكون فيلماً مستقلاً تماماً عنه.



اسم "بروميثيوس" مستوحىً من الأساطير الإغريقية، وهو اسم أحد آلهة اليونان الذي قام بسرقة شعلة المعرفة ليهبها للبشر، وكان عقابه عسيراً على هذه الفعلة، فتم صلبه حتى تأكل الطير منه إلى الأبد.
وفي فيلمنا تم إطلاق اسم "بروميثيوس" على السفينة الفضائية التي كانت تحمل البشر إلى أحد الكواكب البعيدة حتى يستكشفوا بعض الأجوبة عن أسئلة لطالما حيرت البشرية، وهي تتلخص في ماهية الخلق ومَن قام بصنع البشر، وما غرضه من ذلك.

يبدأ الفيلم بتعريفنا برحلة السفينة "بروميثيوس" والأشخاص الموجودين على متنها، وهم اثنان من العلماء "إليزابيث" و "تشارلي"، ومجموعة من المهندسين، وطاقم السفينة، بالإضافة إلى قائدة الرحلة "فيكرز" وأخيراً الرجل الآلي الذي يتصف بصفات بشرية واسمه "دايفيد".
نفهم بسرعة أن مهمة هذه الرحلة هي اكتشاف ارتباط الحضارات القديمة وما رسموه على جدرانهم الحجرية من رسومات، وعلاقة ذلك بأصل خلق البشر وتواجدهم على كوكب الأرض. وبمجرد الهبوط على الكوكب الغريب الذي اكتشفته السفينة تبدأ القصة الفعلية بعد تمهيد طويل نوعاً ما استغرق نصف ساعة من زمن الفيلم.

تهبط بعثة من الأشخاص الذين كانوا على متن السفينة لاستكشاف الكوكب، وتبدأ الأسئلة الغريبة بالتزايد مع كل خطوة يخطونها، فيلاحظون علامات على وجود حياة من نوع ما في هذا المكان، ولكن كل شيء يبدو غامضاً وعصياً على الفهم حتى في وجود كل أدوات التحليل العلمي التي يمتلكونها، وبالفعل يبدو الإنسان عاجزاً في بعض الأحيان عن استكشاف المجهول، أو أنه ربما لم يستوعب أنه سيواجه لحظات مثل هذه.

يواجه الفريق عاصفة عاتية تجبرهم على العودة إلى السفينة، ولكن بعد فقدان جزء من طاقم المهندسين، وهنا نبدأ بمعاينة المخلوقات الفضائية عن قرب. فالرعب الحقيقي يكمن في الخوف من المجهول الذي لا يمكن أن نتخيل وجوده، والترقب يخلق حالة عالية من التوتر، وهذا ما نجح فيه "ريدلي سكوت" سابقاً في فيلم Alien ويعيد تقديمه مرة أخرى في هذا الفيلم.

شخصيات الفيلم تبدأ هنا بالتطور، ولكن ليس بالشكل الذي نتأمله من مخرج كبير مثل "ريدلي سكوت" بل إني رأيت أن بعض الشخصيات الأساسية لم تكن لها جاذبية جيدة تجعلنا نهتم لأمرها، وخصوصاً شخصية "تشارلي" زوج الدكتورة "إليزابيث". إلا أن تسارع الأحداث جعل من تطور الشخصيات أمراً غير ذا أهمية كبيرة أمام الأسئلة الكبيرة التي يتم طرحها باستمرار.

ولعلي أعتبر أفضل شخصية في الفيلم بأسره هو الإنسان الآلي "دايفيد" الذي أدى دوره الممثل الرائع "مايكل فاسبندر" فقد استطاع المزج بطريقة ممتازة بين التصرفات الآلية مع الكثير من المشاعر الإنسانية والحوارات الذكية التي دفعت بهذه الشخصية لتكون أساس كل الأسئلة التي يتم طرحها.

أما إذا أردنا تفصيل الأفكار فأهم فكرة برزت في الفيلم هي فكرة الحوار الرمزي بين الدين والعلم، فشخصية الدكتورة "إليزابيث" تمتلك من العلم ما قد يجعلها تفقد إيمانها، ولكنها بقيت متمسكة بالمبادئ الدينية التي تؤمن بها حتى النهاية. أما شخصية الرجل الآلي "دايفيد" فكان يمثل العقل بشكل مطلق دون أي مشاعر إنسانية حقيقية بالرغم من كل الذكاء الذي يتمتع به. إلا أن عقله فارغ تماماً من أي شيء لا يتماشى مع المنطق العلمي الجامد الذي بني على أساسه.

الفيلم من الناحية البصرية مذهل جداً، وخصوصاً بالمؤثرات عالية المستوى التي استعملها بشكل ممتاز، وهناك مشاهد رائعة تمثل تحفة بصرية للمشاهد دون الوقوع في فخ الإكثار من المؤثرات إلى حد يبعد الفيلم عن مغزاه الأساسي وهو أنه بالأصل فيلم خيال علمي يدور في المستقبل القريب - نوعاً ما - وليس فيلم آكشن.

عناصر القصة وأفكارها كانت كثيرة وهذا ما جعل نص الفيلم يحمل على عاتقه تفسير الكثير من الأشياء، وأرى ببساطة أن الفيلم فشل في بعض الأحيان من تقديم تفسيرات منطقية أو ربما كان هذا مقصوداً من الأساس، وذلك حتى يترك للمشاهد المجال ليعمل ذهنه وأفكاره الخاصة في تحليل ما يراه أمامه.

أخيراً أقول أن الأفلام الكبيرة هي التي تجعلك تفكر فيها بعد أن تنتهي من المشاهدة، وهذا بالتأكيد ما سيحصل مع كل من سيشاهد فيلم Prometheus لأنه سيقدم أسئلة واستفسارات عديدة ومهمة. وبغض النظر عن قناعة أي منا والتي قد تختلف على الأغلب مع ما يقدمه الفيلم من أفكار ولكن الممتاز هو كيفية طرح التساؤلات وجعل المشاهد شريكاً في الإجابة عنها. وكل ذلك لا يخلو من طابع المتعة والإبهار اللذين نتوقعهما من فيلم يحمل اسم "ريدلي سكوت".


تقييمي الشخصي: 9\10

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم