2012/01/29

Midnight in Paris 2011

Midnight in Paris
"رحلة ممتعة في أحلام وودي آلن"


كلنا نريد أن نحلم ونعود بالزمن إلى الوراء ونلتقي الشخصيات التي لطالما عرفناها من القراءة عنها في الكتب، ومن هذا المنطلق يكون "وودي آلن" فكرة فيلمه الجديد "منتصف الليل في باريس" الذي يكمل فيه رحلة استكشاف المدن الأوروبية بعد أن مر على لندن، وبرشلونة في فيلميه السابقين.
 ولكنه هذه المرة يبتكر مدينة كاملة غير موجودة إلا في عقل بطل فيلمه "جيل" الذي يذهب إلى باريس برفقة خطيبته "إينيز" في رحلة لقضاء فترة ما قبل زواجهما في هذه المدينة الساحرة.

"وودي آلن" يجعل من "جيل" كاتباً ويضع فيه الكثير من سمات شخصيته الخاصة فهو ساخر، غريب التفكير والتصرفات، ووحيد في العالم الذي يعيش فيه. ويقوم "أوين ويلسون" بأداء الشخصية على طريقة "وودي آلن" المميزة، ولكن بطريقة أبطأ وأكثر رزانة وتمهلاً من شخصية "آلن" المندفعة بعفوية في أغلب أفلامه، ويعبر "آلن" من خلال "جيل" عن حلم من أحلامه برؤية أساطير الأدب والفن الذين عاشوا في عصور النهضة وما بعدها.

رحلة منتصف الليل تبدأ كل ليلة لتأخذ "جيل" – وتأخذنا معه - في رحلة فنتازية ساحرة تمتلئ بالأجواء الجميلة والشخصيات الجذابة التي لا يفترض أن يكون المشاهد على معرفة كاملة بها حتى يقدر الفيلم ويشعر بالرهبة لوجود هؤلاء الأشخاص الفريدين أمامه على الشاشة. ولكن مع كل هذا الجمال والسحر فقد كانت أجواء الرحلة أفضل بكثير من الأحداث التي تجري فيها التي لم يتم الاستفادة فيها من كل قوة هذه الشخصيات التي يفترض أن تدخل في مجريات الفيلم بشكل أكبر، إلا أن "وودي آلن" على ما يبدو فضل جعل الفيلم بسيطاً قدر الإمكان، وتكمن روعته في خيالاته المبدعة، وسحره الفنتازي الغريب.

كما أن "وودي آلن" دعّم الفيلم بمجموعة جيدة من الممثلين البارعين في الأدوار المساعدة لعل أبرزهم "ماريون كوتيارد" و"آدرين برودي" و"كاتي بايتس" الذين قدموا ما عليهم، ولكن كان يمكن الاستفادة من مواهبهم بشكل أكبر. بالإضافة إلى عمل دفعة للفيلم باشتراك السيدة الأولى في فرنسا "كارلا بروني" في مشاهد بسيطة من الفيلم، وكل هذا جذب العديد من المشاهدين ليستمتعوا بهذه التركيبة المتنوعة، والنتيجة لحسن الحظ لم تكن سيئة على الإطلاق، ولكن دون ظهور أي شخصية بشكل بارز.

الفيلم حاول طرح أمامنا أيضاً بعض النماذج من الشخصيات الأيقونية التي نصادفها في كل مكان، مثل الرجل الذي يدعي أنه يعرف كل شيء، وأن الثقافة والعلم خلقت من أجله فقط، بينما هو لا يكاد يعرف إلا فنون جذب الناس من حوله بكلامه المنمق ومظهره الخادع. كما عرض علينا تأثر بعض النساء بهذه النوعية المخادعة من الشخصيات وافتتانهم بالرجل المثقف معسول الكلام الذي يستطيع الحصول على كل شيء دون أن يقدم شيئاً مفيداً.

وأعتبر أن الفيلم فيه العديد من الأفكار والشخصيات الجميلة، وهو ناجح بصنع توازن هادئ بينها دون أي تعقيد أو غموض مما يجعل الفيلم خياراً مميزاً للمشاهدة في أي وقت، ويتجه نحو شريحة واسعة من المشاهدين. ويبقى الأهم هو لمسة "وودي آلن" الفنتازية والكوميدية التي تمتزج بالدراما بطريقة رائعة في تحية كبيرة لعصر الأدب الجميل والفن العميق الذي نفتقده كثيراً في عالمنا المادي القاسي الحديث.
وعلى الرغم من كل ذلك أرى أن الفيلم خارج إطار المنافسة في الأوسكار على جائزة أفضل فيلم على الأقل، ولكن إخراج "وودي آلن" ونصه السينمائي يستحقان التقدير والاحترام.



تقييمي: 8.5\10

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم