2011/10/01

Sherlock Holmes 2009

Sherlock Holmes
"عندما تدفع الجريمة الثمن"

من منا لا يعرف "شيرلوك هولمز"; المحقق الإنجليزي الأشهر على وجه الأرض رفقة البلجيكي "هيركول بوارو"، ولكن كل من يعرف هذا الرجل على حقيقته سيلاحظ فوراً الاختلاف الذي صنعه المخرج "جاي ريتشي" في هذه الشخصية لتبدو بشكل أكثر عصرية وإمتاعاً، وإن كان لم يترك أي شيء من إيجابيات المحقق الرائع المعروف بذكائه الحاد وملاحظته الثاقبة وخبرته الواسعة في الكيمياء وبالتأكيد طريقته الساخرة في الكلام ودعاباته اللاذعة التي لا تترك مجالاً لأحد ليهيمن على شخصيته القوية.


الفيلم هو من أنجح أفلام الإثارة التي تم إصدراها خلال الفترة الأخيرة، وقد حمل العمل لمسات المبدع البريطاني "جاي ريتشي" وهو المخرج الذي يبرع في إظهار أجواء الجريمة والغموض بأبهى شكل وبمضمون مثير يبقي المشاهد يتابع بشغف، وكل هذا اجتمع مع ميزانية ضخمة لإنتاج الفيلم، وكان الناتج النهائي عملاً مرضياً بشكل كبير ويتفوق على كل أفلام الغموض والإثارة الحديثة بسرعته الكبيرة في طرح الأحداث بطريقة ممتعة وجذابة بسيطة جداً بالنسبة لعامة المشاهدين، وفي نفس الوقت تحترم عقل خبراء السينما ومحبيها.

منذ بداية الفيلم يبدأ برتم معين ويحافظ على نفس مستوى الإثارة والذكاء حتى الدقيقة الأخيرة وهذا يعود إلى النص السينمائي المكتوب بدقة تراعي خلفية شخصية "شيرلوك هولمز" المعروفة لدى الكثيرين مع بعض الإضافات التي منحت العمل ككل قيمة إضافية كبيرة، وخصوصاً مقاطع القتال والركض والإثارة التي تتخلل قصة الفيلم وتدفع العمل نحو كونه عملاً يجمع بين الكثير من الفنون السينمائية وينجح فيها جميعاً.
فالقصة الدرامية محبوكة بشكل كبير وتضفي شخصية "شيرلوك هولمز" الساخرة عدة ضحكات خفيفة تجعل عملية المشاهدة متعة بحد ذاتها.

ونظراً إلى الميزانية الضخمة التي أتيحت للمخرج البريطاني فقد صرفها بشكل متوازن ليرضي كافة الجوانب التقنية والفنية للفيلم على حد سواء، فاختيار الممثلين كان مناسباً بشكل كبير بدءاً بـ "روبيرت داوني جونيور" الذي كان مناسباً جداً للدور بالنظر إلى الشعبية الواسعة التي يتمتع بها في الفترة الأخيرة بالإضافة إلى مقدرته على استيعاب الكوميديا التي يقدمها السيناريو وطرحها بشكل جميل يدل على قوة الحس الفكاهي لدى هذا الممثل. أما اختيار "جود لو" فكان مناسباً أيضاً وقد استطاع البريطاني من أداء الدور بإتقان أيضاً وكان التوافق بينه وبين "داوني جونيور" واضحاً مما أظهر هذا الثنائي على أكمل وجه، بل إن شخصية الدكتور "واطسون" ظهرت بشكل مقنع أكثر من الروايات الأصلية التي اقتبسها الفيلم. كما كانت "راشيل مكآدامز" جيدة في الدور واستطاعت فرض فتنتها الخاصة وذكائها الكبير للموازنة بين عناصر الشخصية الموكلة إليها. وأخيراً كان طاقم الممثلون المساعدين مميزاً أيضاً وخصوصاً "مارك سترونج" الماكر الشرير في دور اللورد "بلاكوود".

المؤثرات الخاصة كانت على درجة عالية من الإتقان والإبداع، وأبرز ما يمكن الكلام عنه هو المشاهد التي تستعمل الحركة البطيئة لإظهار بعض المواقف في الفيلم بطريقة جميلة ومثيرة. ولا ننسى الموسيقى المذهلة من الألماني "هانز زيمر" التي انسابت مع أحداث الفيلم المتسارعة وضبطت الإيقاع فيه ببراعة شديدة من الموسيقار الرائع. وأخيراً كانت الأزياء والألبسة والديكورات وأماكن التصوير معبرة بشكل ممتاز عن الخلفية الزمنية التي تجري فيها أحداث الفيلم. ولم يترك المنتجون أي ثغرة في الأجواء المميزة لمدينة الضباب "لندن" خلال بداية العقد الماضي بما في ذلك من ألبسة أنيقة وعربات أحصنة تتجول في الشوارع مروراً بأشكال الأبنية وأشكال المواطنين البريطانيين، وبرأيي أن اختيار المخرج "جاي ريتشي" كان موفقاً لحد بعيد لأنه استطاع إحياء حقبة كاملة من تاريخ بلده بكامل التفاصيل الدقيقة.

أخيراً الفيلم بشكل عام يقدم متعة استثنائية بفضل نصه السينمائي القوي، وتمثيل طاقمه البارع والمتقن، إلى جانب اللمسة الواضحة لمخرج الغموض والجريمة الرائع "جاي ريتشي"، وأخيراً التفوق التقني الواضح للفيلم. وكل هذه العناصر تجتمع لتشكل أمامنا لوحة جميلة ننتظر أن تتكرر بكامل عناصرها المميزة في نهاية هذا العام في الجزء الثاني من "شيرلوك هولمز" الذي ينتظره الكثيرون بلا شك..


9/10

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم