2012/10/21

Of Gods and Men 2010


Of Gods and Men
"فيلم إيماني يطرح أسئلة عديدة"


يحكي فيلم Of Gods and Men قصة حقيقية حصلت في الجزائر في العام 1996 عندما كان التطرف الديني يبسط سيطرته على البلاد. وتدور القصة حول دير كاثوليكي يحوي عدداً من الرهبان الفرنسيين الذين نذروا أنفسهم للبقاء في الجزائر رغم الخطر الكبير المحيط بهم.


يبدأ الفيلم أولاً بعرض حالة الرهبان الذين يقطنون في الدير وعلاقتهم بأهالي المناطق والقرى المحيطة بهم، ونكتشف أن الفيلم ليس تبشيرياً، وليس فيه دعوة واضحة للدين المسيحي، بل كانت كل المبادئ والأفكار التي يعرضها تنطلق إما من منطلق إنساني بحت، كمساعدة المحتاجين، ورعاية المرضى، وتقديم العون للأهالي الفقراء. كما يعرض الفيلم الناحية الإيمانية بغض النظر عن طبيعة الدين الذي يعتنقه هؤلاء الرهبان.

ومن وسط هذا الدير الكاثوليكي يطرح المخرج Xavier Beauvois الكثير من الأفكار الهامة، لعل أبرزها أهمية التشاور والتناصح وإبداء الرأي بين الرهبان، وكانت لمشاهد النقاشات التي تدورفيما بينهم أهمية كبيرة في إيصال الكثير من أفكار الفيلم أو على الأقل معرفة وجهة النظر وراء قرارهم بالبقاء في الدير، رغم الخطر المحدق الذي يهدد حياتهم. وثانياً برزت قيمة إيمانية كبيرة في الفيلم، حيث بقي الرهبان واثقين من إيمانهم بقراراهم، وبأن الله سيكون عوناً لهم في أيامهم القادمة، وكانت القيمة الجماعية تساعد كل فرد منهم على استعادة إيمانه ويقينه بما يؤمن به. وأخيراً كانت نتيجة هذا الإيمان تضحية كبيرة يقدمها الرهبان دون أن تتغير قناعاتهم الفكرية أو الإيمانية. ولعل المخرج ركز كثيراً وفي مشاهد عديدة على الصلوات التي كان الرهبان يتلونها، وكلها أدعية تدل على قوة إيمانهم، وتمسكهم بالاعتماد على الله وحده.

أكرر مرة أخرى أن الفيلم ليس تبشيرياً، بل على العكس كانت مشاهد الصلوات والأدعية مختارة بعناية بحيث تعطي الفيلم قيمة إيمانية عالية تتماشى مع جميع الأديان السماوية التي تلتقي جميعاً في فكرة مشتركة ألا وهي وحدانية الله عز وجل، والإيمان المطلق به والتوكل عليه. وقد ظهر تأكيد على هذه الفكرة تحديداً في أحد المشاهد التي قرأ فيها الراهب جزءاً من القرآن الكريم على المتطرف الذي اقتحم الدير، فنرى أن هناك الكثير من الأمور المشتركة بين الأديان السماوية، ولا اختلاف بينها في العقيدة الفكرية، بل تختلف فقط في تطبيق الرجال لدينهم، كل واحد منهم حسب طريقته في الفهم والتفكير.

الفيلم لم يتطرق كثيراً للناحية السياسية، بل اختار المخرج Xavier Beauvois التلميح فقط لبعض المواقف التي أعطت بعداً للقصة، حيث رأينا كيف أن الحكومة الجزائرية لم تكن متعاونة كثيراً في قراراتها بل إنها كانت تعارض علناً بقاء الرهبان في الدير، وكانت تدفعهم على الرحيل. كما أن الجيش بدلاً من أن يقوم بحمايتهم كان يقوم بتخويفهم وإثارة رعب الأهالي باقتحامه الدير ذات مرة، وذلك حتى يدفع بالرهبان للمغادرة.

طريقة التصوير في الفيلم كانت متأنية، وكان التركيز بالمقام الأول على جمالية الصورة وفنيتها، وهذا ما سمح للفيلم بأن يعرض الأفكار من ناحية إنسانية ويبتعد أكثر عن السياسة أو استعراض الأحداث التاريخية. وكان للتصوير تأثير في صنع أجواء هادئة للفيلم نرى فيها تركيزاً شديداً على انفعالات الشخصيات والتغيرات التي تطرأ عليها. وإن كنت أرى أن الشخصيات لم تتطور بشكل كبير على مدار الفيلم، إلا أن هذا لا يمنع أن الفيلم حوى عدداً من الشخصيات المتنوعة التي تتفاوت فيما بينها بالضعف والقوة، ولكن شخصيات الرهبان جميعاً كانت تشترك بالسمة الإيمانية المميزة التي صبغت الكثير من أجواء الفيلم.

أخيراً برأ الفيلم ساحته من الانحياز ضد المسلمين، فقال على لسان أحد الرهبان إن الإسلام لا يدعو إلى قتل الآخرين، وأن هذا مجرد تطبيق خاطئ لبعض التعاليم التي دعا إليها الإسلام، والتي تصب في فكرة واحدة مع بقية الأديان السماوية. وكان مشهد النهاية معبراً ويضع النقاط على الحروف ليرسم قصة جيدة تتناوب فيها الأفكار الإيمانية والإنسانية، وتسامح الأديان الذي فقدناه في الفيلم، ولكن هذا التسامح هو بالتأكيد الحل لإيقاف جميع أشكال التطرف الديني، وحتى يتذكر الجميع أن الآلهة ليست سوى إله واحد، وأن جميع البشر مهما كان دينهم يشتركون في عبادتهم لله تعالى وحده الذي لا شريك له..

فيلم معبر يطرح العديد من الأسئلة المهمة، ورغم أنه لم يجب عليها جميعاً بشكل واضح إلا أنه يثير في العقل تساؤلات جديرة بالتفكير، وضمن أجواء مميزة تستحق أن تجربها.


تقييمي الشخصي: 9 \ 10

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

الفيلم كمادة سينمائية لابأس به و لكنه ليس بريئا من قراءات سياسية بين الأسطر لا ألومك على أغفالها لأنه أصلا لابد من إدراك تام للواقع الجزائري للإحاطة به
فالتبرير الأساسي لوجود الرهبان مهلهل و ضعيف و غير سليم ، فحتى نساطاتهم محدودة و لا تستدعي ذلك التشبث بأرض ليست بأرضهم فيم ظهرت الأسباب الحقيقية لوجودهم و وجود غيرهم لاحقا بعد خروج الجزائر من النفق بظهور منظمات تبشيرية كثيرة و تنصير واسع النطاق خصوصا بتلك المناطق وسط فراغ قانوني تم إحتواؤه حاليا بتشريعات مانعة للتبشير بكل أساليبه
أما أسلوب التبشير الذي ظهر بالفيلم و الذي تم إعتماده فهو الأخطر و الأدهي و الذي يعمل على تقديم غير مباشر للمسيحية من خلال نشاطاتها الخيرية و نفحاتها الإيمانية و التي تظهر أن هؤلاء الذين يحذروننا منهم ليسوا إلا بشرا مثلنا عاديين يدعون لأمور جميلة و خير كثير و لا يجبروننا على دينهم ،و لا شك أن دينهم هو ما يحضهم على ذلك ، فلأعرف هذا الدين ،، و من هنا تبدأ حكاية الوقوع ضحية للعسل المسموم
شاهدت الفيلم دونما حكم مسبق و لم يبدوا لي سيئا و لكنه أقل من أن يحوز المركز الثاني بمهرجان كنت أحترمه إلى أن رأيت تسييسه بمنحه الجائزة هذا العام لفيلم سحاقي
شكرا لك على القراءة و الله يحمي سوريا و أهل سوريا
متابع جزائري

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم