2013/03/11

The Hobbit: An Unexpected Journey 2012


The Hobbit: An Unexpected Journey
"رحلة غير متوقعة"


عودة جديدة مع المخرج "بيتر جاكسون" إلى عوالم الفنتازيا والمغامرات، وهو المشهور بثلاثيته الأسطورية "سيد الخواتم" التي جلبت له المجد من جميع أطرافه بعد أن توج آخر أجزائها بأوسكار أفضل فيلم عن عام 2003.. بعدها اكتفى "بيتر جاكسون" بإخراج عملين فقط خلال السنوات التالية، وصب كل جهوده الإنتاجية والإخراجية لصنع ثلاثية "الهوبيت" التي كان يهدف من ورائها أن يستعيد شيئاً من نجاحات سلسلته الفنتازية السابقة، متسلحاً هذه المرة بميزانية إنتاجية هائلة وإمكانيات فنية وتقنية ترتقي لما يريد تقديمه..


سلسلة أفلام "الهوبيت" تعتمد على رواية مؤلفة من جزء واحد للمؤلف "ج.ر.ر.تولكين" وهو نفس مؤلف سلسلة روايات "سيد الخواتم" وفي هذا الكتاب يحكي القصة التي سبقت ما حدث في "سيد الخواتم" ويوضح بعض التفاصيل والأحداث التي أدت لما سيحصل بعد أعوام كثيرة.. والغريب في الموضوع هو كيف استطاع "بيتر جاكسون" أن يحول كتاباً واحداً إلى ثلاثية كاملة، فهو بحاجة إلى تفاصيل كثيرة ليغطي ثلاثة أفلام كل منها يقترب من ثلاثة ساعات..

يحكي الفيلم قصة الهوبيت "بيلبو باغنز" ومغامرته التي قام بها قبل ستين عاماً من أحداث سلسلة "سيد الخواتم"، حيث يفاجأ ذات يوم بمجموعة من الأقزام يقتحمون حياته الهادئة في منطقة "شاير" التي عاش فيها طيلة حياته.. يصطحبه الأقزام معهم في رحلتهم المليئة بالإثارة والمغامرة لاستعادة موطنهم في الجبل الوحيد وهو المملكة الأخيرة التي بقيت تحت حكم الأقزام.. وهنا يبرز السؤال الأكبر: لماذا يرافق "بيلبو" الأقزام في رحلتهم؟! ولماذا أرادوا قدومه معهم من الأساس؟! والفيلم في هذه النقطة لا يستطيع أن يعطينا تفسيراً مقنعاً لموافقة "بيلبو" على الذهاب معهم. ولا أعتقد أن أي شخص سيخاطر بحياته في سبيل استعادة أرض ليست له أصلاً، وذلك في سبيل المغامرة والتسلية فقط.. طبعاً إلا إذا كان الهوبيت يتميزون بهذه الكرم الشديد الذي يفوق الحدود !!

لن أخوض في تفاصيل المغامرة والأحداث كثيراً حتى لا أفسد القصة على من لم يشاهد الفيلم، ولكن يمكنني القول باختصار إن الرحلة كانت شيقة ومليئة بالمتعة التي يمكن أن نتوقعها. ولكن الفيلم كان يعاني من مشاكل عديدة على صعيد السيناريو أول هذه المشاكل أن الفيلم عرفنا على شخصيات الأقزام الثلاثة عشر، وهذا عدد كبير جداً، لذلك كان من واجب الفيلم أن يبطئ قليلاً من وتيرة الأحداث في سبيل التمهيد لهذه الشخصيات وتعريفنا عليهم عن قرب أكثر.. وهذا البطء المتعمد جعل الفيلم في كثير من أجزائه يفتقد للمتعة المطلوبة، ويميل إلى الإسهاب السردي الممل، ولحسن الحظ أن شخصيات الأقزام المرحة استطاعت أن تصنع شيئاً من التسلية بدمها الخفيف والتنوع المحبب في أشكالهم وتصرفاتهم.. المشكلة الكبرى التي عانى منها الفيلم أنه لم يجعلنا نتعلق كثيراً بشخصية ما، أو نتعاطف بشكل واضح مع أحدها بل ترك الأحداث تسير بينما على المشاهدين أن يكتفوا بمهمة المراقبة دون تفاعل عاطفي.. وبالرغم من أن الهوبيت "بيلبو" هو الشخصية المحورية في الفيلم إلا أنه لم يقم بفعل الكثير في 
النصف الأول من الفيلم..

"بيتر جاكسون" حاول أن يضخ الكثير من التفاصيل في القصة، ولكن هذا كان على حساب السرعة والإثارة التي يتطلبها الفيلم.. كما أن هناك سلبية تبرز في الكثير في المواقف وهي اعتماده على "كليشيهات" هوليوود المعتادة.. مثل طريقة نجاة أبطال الفيلم من العديد من المآزق بشكل غير مقنع أو قابل للتصديق. كما أن الفيلم لا يسمح بإيذاء أحداً من أبطال بل يجعلهم محصنين - كالعادة - ضد كل المخاطر والأهوال المهلكة التي يتعرضون لها.. وهذا جعل العمل نمطياً ولا يمتلك معالم الملحمة المؤثرة التي يمكن أن تخرج منها بفكرة ما..

على العموم أعتقد أني وصفت الكثير من سلبيات الفيلم، ولكن يجب عليّ ألا أنكر إيجابياته العديدة أيضاً.. يحسب للعمل أنه استطاع أن يقدم مغامرة هائلة اعتمد فيها على مؤثرات عظيمة صنعت تحفة بصرية لا مجال للنقاش حول جودتها، بل إن المخلوقات المتوحشة التي نراها في العمل كانت على درجة عالية من الإتقان وتبدو كأنها واقعية حقاً.. التصوير في المناطق الواسعة والإضاءة والصوت كلها كانت عناصر فنية واضحة الأثر في الفيلم.. ولكن تبرز سلبية يجب أن أشير لها وهي أن الكثير من المشاهد بدت وكأنها نسخة مشابهة لأحداث سلسلة "سيد الخواتم" ويمكنك أن تشعر أنه لا يوجد جديد في الأفكار التي يقدمها الفيلم.. صحيح أن فيلم الهوبيت ربما يعتبر أكثر إبهاراً ويقدم العديد من المفاجآت المثيرة، إلا أنه يعطي شعوراً أن هذا هو نفس ما شاهدناه سابقاً في "سيد الخواتم" يعاد أمامنا مرة أخرى.. بل إن الفيلم لا يوفر فرصة ليذكرنا بالسلسلة السابقة عن طريق استحضار بعض الشخصيات الأيقونية التي ظهرت في الثلاثية وأبرزها "غولوم" المسخ صاحب الخاتم "الثمين" الذي كان ظهوره في الفيلم جميلاً ويوضح بعض التفاصيل المتعلقة بالأحداث التي حصلت لاحقاً في "سيد الخواتم".. كما ظهرت عدة شخصيات أخرى مثل ملكة الجن، والساحر الأبيض "سارومان".. وفي هذا تحية مميزة للثلاثية الأسطورية وربط جيد للشخصيات والأحداث المحورية التي يحاول العمل أن يقدم توضيحات جديدة لها..

باختصار يمكنني القول إن الفيلم بشكل عام ممتع، ومبني بشكل جيد من ناحية القصصية ولكن ينقصه شيء من الإقناع في السيناريو ويعيبه قليلاً بطء الأحداث في بعض أجزائه بسبب الحاجة للتمهيد للشخصيات الكثيرة التي ظهرت في العمل.. ولكن من ناحية التسلية فالفيلم يقدم قيمة عالية بفضل عناصره الفنية المبهرة من مؤثرات بصرية وسمعية اعتمدت على أفضل ما وصلت إليه التقنيات الحديثة.. والموسيقى في الفيلم كانت عنصراً فعالاً في زيادة جمالية الفيلم فنياً، ولا أنسى الأغنية الجميلة التي قدمها لنا الأقزام في الفيلم.. ربما كان العمل أقل قليلاً من التوقعات، ولكن ما قدمه ليس سيئاً وخصوصاً إذا ما تذكرنا أن الأحداث قد تكون أفضل وأكثر سرعة وإثارة في الجزئين الباقيين بعد أن انتهينا من التعرف على أغلب الشخصيات الحديثة التي ستظهر في الثلاثية الجديدة..

هذا الفيلم لا يبدو قريباً من مستوى أي جزء من "سيد الخواتم"، ولكن ربما لا يجدر بنا أن نتسرع في الحكم على هذه السلسلة الواعدة، على أمل أن نشاهد مستوى متصاعداً لما سيأتي.. وفي النهاية قد نكون أمام أسطورة سينمائية جديدة تعيد لنا الذكريات  الجميلة، وإذا لم يتحقق ذلك يمكن أن نكتفي بأننا حصلنا على ملحمة مليئة بالمتعة والإثارة والإبهار.. من يستطيع أن يتذمر من كل
هذا ؟!

تقييمي الشخصي: 8 \ 10

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

جميل .. اكتفيت بالقراءة عن المشاهدة

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم