2012/06/12

The Orphanage 2007


The Orphanage
"الرعب النفسي، بلمسة أوروبية إسبانية "

إذا ما أردنا تصنيف أفلام الرعب نجد أننا أمام نوعين تندرج تحتهما أغلب أفلام هذا الفن، فالنوع الأول هو الرعب النفسي الذي يكون الترقب والإثارة أبرز معالمه، ويعتمد على إيجاد مواقف مرعبة تمتاز بأنها قابلة الحدوث مع أي واحد منا، ويمتزج هذا النوع عادة بالدراما وهو فن سينمائي مميز، بل ويمكن اعتباره من أصعب الفنون السينمائية لأن إعطاء الأثر المطلوب منه يعتمد على تكامل جميع مقومات الفيلم من إخراج وموسيقا وتصوير وأداء ممثلين ومونتاج وباقي العناصر التي تشترك في بناء عمل ناجح ومتقن.
أما النوع الثاني فهو الرعب المقزز والمثير للاشمئزاز وتطغى عليه اللقطات الدموية العنيفة غالباً، ويكون مصدر الرعب فيه عادة هو قاتل مجنون يسعى وراء ضحاياه لقتلهم وحداً تلو الآخر بأشنع الطرق وأبشعها، وهو نوع شائع كثير هذه الأيام وهو السبب في انحطاط مستوى أفلام الرعب في أيامنا هذه، ويعتمد المنتجون لهذا النوع من الرعب على الفتيات الجميلات والأجواء الشبابية لنيل إعجاب الجماهير وحصد الأرباح المالية دون أن تكون هناك قيمة فنية تذكر..

ولحسن الحظ أن فيلمنا اليوم وهو "الميتم" يندرج تحت الفئة الأولى من أفلام الرعب، وإن صح القول فهو لا يصنف رعباً بكل معنى الكلمة، بل يمكن وصفه بفيلم إثارة نفسية بلمسة درامية راقية، حيث أن الفيلم لا يعتمد بشكل أساسي على إرعاب المشاهدين بقدر ما يتجه نحو خلق التحفز والإثارة والغموض والتشويق، ويدل على ذلك عدم ظهور مشاهد مرعبة إلا في لقطتين من الفيلم، ويبين هذا الغاية الأساسية من الفيلم وهي القصة الغريبة بحد ذاتها.

القصة حول امرأة تدعى "لورا" تقوم بشراء منزل قديم مع زوجها "كارلوس" وابنهما المتبنى "سيمون" ونعلم لاحقاً أن "لورا" كانت تعيش في هذا المنزل قبل ثلاثين سنة عندما كان ميتماً، وبالتالي هي تريد الآن إعادة أمجاد هذا المنزل باستضافة أطفال معاقين يعيشون في هذا المنزل مع ابنها "سيمون" ويأنسون وحدته.
ولكن المشكلة تبدأ عندما يخلق "سيمون" لنفسه أصدقاء وهميين يلعب معهم، مما يثير جنون "لورا" وهلعها من الأحداث الغريبة التي تحدث معها، ولا يلبث "سيمون" أن يختفي فجأة بالتزامن مع ظهور امرأة عجوز تجوب المنزل في الليل.
وتبدأ "لورا" بالبحث عن "سيمون" ومحاولة الكشف عن الأحداث الغامضة التي تحدث في المنزل، بينما يقف زوجها "كارلوس" محتاراً بين أن يصدق زوجته فيما تقول، أو يشك في جنونها التدريجي وحالتها العقلية والنفسية.

وكتقييم لهذه القصة فهي تشكل مادة خصبة لأي فيلم يمكن إنتاجه منها، ولكن السيناريو المميز نجح في تشكيل معالم القصة بوضوح وإبراز سير الأحداث بتسلسل منطقي يميل أحياناً نحو الناحية الفنتازية بإظهار الهلوسات والتخيلات التي نراها بنفسنا من عيون الأم "لورا"، وأبرز ما يميز القصة أيضاً هو الاعتماد في عنصر التشويق على الأطفال المرعبين، لأن الأطفال هم رمز البراءة ولكن عندما يكونون هم مصدر الفزع فإن ذلك يعطي أثراً مغايراً لطبيعتهم البريئة الساذجة.

ومن ناحية التمثيل فقد قامت Belen Rueda بحمل كامل الفيلم على عاتقيها، وبالفعل نجحت في المهمة لأنها استطاعت إعطاء تفاصيل كثيرة للشخصية وتجسيد الحالة النفسية ببراعة مع تعابير متقنة في الوجه، وهذا ساهم في وضع علامة تميز في جهة التمثيل في الفيلم، أما الطفل "سيمون" فقد قام المنتجون بإجراء تجربة أداء لـ 400 طفل حتى تم اختيار هذا الممثل الصغير وهو بالفعل خيار مميز، لأنه يجسد براءة الطفولة وجمالها ببساطة شديدة مما يجعلنا نتعاطف معه بعد اختفائه، أما سلبية الفيلم من ناحية التمثيل برأيي فكانت الممثل Fernando Cayo بدور الزوج "كارلوس" فهو اكتفى ببعض الجمل البسيطة التي لم تؤثر على الفيلم أبداً ولم تبرز شخصيته بشكل واضح، ولكن كي لا نظلم الممثل فالخطأ هو من السيناريو الذي لم يمنحه الفرصة للظهور أكثر، وأرى أن شخصية "كارلوس" كانت غير واضحة المعالم بشكل كافٍ ومقنع.

أما الإخراج فقد كان رائعاً وذلك بفضل اللمسة الفنتازية المثيرة التي أضفاها المنتج Guillermo Del Toro حيث كانت لمسته هذه واضحة وطاغية في الإخراج المميز الذي قام به المخرج Juan Antonio Bayona الذي جعل أجواء الفيلم معتمة وغريبة لتناسب القصة غير المألوفة التي قدمها الفيلم، بالإضافة إلى أن التصوير كان في القمة بإعطاء ملامح وتعابير الشخصيات بشكل معبر، وتصوير المنزل من الخارج مع المناظر الطبيعية المحيطة به مما أعطى الفيلم غنى بصرياً يبدو واضحاً من اللحظات الأولى.

الموسيقى كانت هادئة وجميلة، ورغم أننا لا نشعر بوجودها في الخلفية كثيراً لكنها أعطت الأثر المطلوب منها وخصوصاً في خلق الإثارة والترقب، ويكمل الناحية التقنية المونتاج البسيط الذي نوع بين اللقطات القريبة على الوجوه Close Up واللقطات الواسعة wide shot التي تبرز معالم الميتم والطبيعة والأشجار والشاطئ الكبير القريب منه، وأجد أن التصوير والمونتاج كان لهما أكبر الأثر في روعة الفيلم من الناحية الفنية والتقنية.

الفيلم إسباني طبعاً، وهذا يعني أنه يتميز بلمسات أوروبية مختلفة عن الطبيعة الأمريكية التي تميز سينما هوليوود، وتبرز هذه اللمسات في الواقعية الكبيرة للتصوير وأداء الممثلين، وعدم الاعتماد على المؤثرات البصرية واستخدامها بقدر محدود جداً على مدار الفيلم، وبالتالي نجح الفيلم في إيجاد الإثارة والمتعة المطلوبة بطريقة بسيطة ولكنها مقنعة وأكثر من كافية.
وإذا مللت من الأفلام الهوليوودية وشططها وتكرارها المثير للشفقة أحياناً فكل ما عليك مشاهدة هذا الفيلم لأنه يقدم شيئاً مختلفاً وفريداً، وكل هذا بالنكهة الإسبانية المميزة!!

التقييم: 9\10

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

مقـآلة رائعة .. عن فلم يستحق الحديث .. الافلام الاوربية الممزوجة دون ادراك بطابع شرقي كالأفلام الاسبانية تقدم تشويق قريب من الواقع دون المحاولة لأقناع الذات بحقيقة الامر .. فهي تمس المشآعر من حيث تعابير الوجه الغير متكلفة .. استمتعتُ بمشآهدة الفيلم مرتين دون ملل .. ذكرني هذا الفيلم بفلم ألآحرون .. وعلمت لمآذا . لان في فيلم الاخرون الكاتب والمخرج وصاحب الموسيقى الرائعة تعود لمبدع واحد وهو ايضآ اسباني ..

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم