2012/03/30

Footnote 2011


Footnote
"بين الآباء والأبناء"



قبل كل شيء أحب أن أنوه أن هذا الفيلم من إنتاج الكيان الصهيوني، وربما يقول البعض أننا يجب أن نقاطع أفلامهم، ولكني أخالف هذا الرأي، فمن واجبنا أن نتعرف على إنجازاتهم في كل المجالات حتى نفهم الطريقة التي يفكرون بها، ولا سيما أن الكيان الصهيوني أصبح له حضور واضح في أغلب المهرجانات العالمية فقد ترشح فيلمFootnote هذا للأوسكار عن عام 2011، وترشح فيلمWaltz with Bashir لجائزة أفضل فيلم أجنبي سابقاً في 2008 مع أنه فيلم أنيميشن، وأخيراً هناك فيلم Ajami الذي حضر في الأوسكار أيضاً في 2009.



أما على صعيد المهرجانات العالمية فهناك فيلمLebannon الذي فاز بأسد فينيسيا الذهبي في 2009 ، وأخيراً هناك ترشيحات عديدة في مهرجان "كان" الأهم سينمائياً، وهذا يبين لنا أن هناك تطوراً يحصل في صناعة السينما هناك.


النقطة التي أريد أن أؤكدها أننا يجب أن نعرف ما هو السبب الذي جعل الكيان الصهيوني يتفوق بهذا الشكل في السنوات الأخيرة، ولا شك أن هذا راجع إلى تحولات اجتماعية أو سياسية يجب أن نأخذ فكرة عنها لنكون على اطلاع على ما يفكرون فيه.


فيلمFootnote يحكي قصة الأب "أليعازر" والابن "أراييل" وكلاهما يعمل بروفسوراً في دراسات تتعلق بالتاريخ العبري، ولكن يبدو لنا منذ اللحظات الأولى أن هناك خلافاً واسعاً بين الأب وابنه، فبالرغم من أنهما يعملان في نفس المجال تقريباً إلا أن كلاً منهما لا يعطي اهتماماً لعمل الآخر، فالأب يرى أن دراسات ابنه هي مجرد أشياء سخيفة لا تستحق أن يتم دراستها، بينما ينظر الابن إلى أبيه نظرة احترام ولكن يشوبها شيء من عدم الاقتناع بجدوى الدراسات المعقدة التي يقوم بها والده والتي لا تفيد المجتمع كثيراً. وأخيراً تأتي المشكلة عندما يحدث خطأ كبير يضع الابن "أراييل" في موقف محرج أمام أبيه عندما يترشح لنيل الجائزة التكريمية العليا في الدولة مكافأة لعمله، وسأترك لكم متابعة تفاصيل القصة حتى لا أفسد شيئاً منها.


بعيداً عن قصة الفيلم الظاهرية أريد أن أتحدث عن الثيمة الأساسية التي ناقشها الفيلم، وهي الاختلاف الواضح بين جيل الآباء والأبناء وهي مشكلة تسري في كل المجتمعات ولا يختص بها مجتمع دون غيره، وظهرت هذه الفكرة فيFootnote على شكل خلاف مزدوج، فالرجل "أراييل" لا يستطيع التفاهم مع أبيه بالشكل المطلوب وهناك فجوة واضحة في الأفكار والآراء بينهما، كما أنه لا يستطيع التعامل مع ابنه الشاب بطريقة سليمة، وأرى أن الفيلم نجح في تجسيد هذه الخلافات بطريقة جيدة.


في الفيلم نرى "أراييل" أمام خيارين صعبين إما أن يضحي بكل شيء سعى لتحقيقه طيلة حياته في سبيل أن يرضي والده، وإما أن يتجاهل ذلك ويستمع لنداء مصلحته الخاصة ولو كان ذلك على حساب الأب. وما يزيد صعوبة الأمر هو الفجوة التي تزداد في التوسع بين الأب وابنه، فبينما يسعى الابن لعدم إيذاء مشاعر أبيه يقوم أبوه بدوره برد ذلك بإساءات مقصودة وغير مقصودة تزيد من حدة التوتر النفسي الذي يشعر به.


الفيلم يستوحي قصته من مجتمع الكيان الصهيوني ولهذا كان من العادي أن نرى الكثير من تمجيد الدراسات العبرية وإظهار مدى ذكاء ومجهود الدارسين الأكاديميين للبحث في هذه العلوم، وللأسف فإن الفيلم استطاع أن يروج للمجتمع الصهيوني أكثر بأضعاف من عدة مئات نشرات الأخبار والدعاية الإعلامية لأن السينما تتعدى كونها وسيلة للتعبير فقط، بل هي وسيلة للدعاية لمجتمع أو فكرة بطريقة خفية.


بالعودة إلى الفيلم فالأجواء العامة كانت جيدة، وتظهر فيها الفكرة الأساسية بكل وضوح، ولكن يبدو أن المخرج كان حائراً في الطريقة الأفضل لإنهاء القصة التي بناها، لذلك بدت النهاية عائمة ومن دون أي هدف وكان بالإمكان استغلالها بشكل أكبر لتترك أثراً في عقل المشاهدين، أو الالتفاف بطريقة ما حول المشكلة التي طرحها الفيلم ليضع حلاً لها. إلا أن المخرج ترك النهاية سطحية بعض الشيء، ولم ترقَ إلى مستوى البناء الدرامي والنفسي لبقية الفيلم.


أخيراً يمكنني القول أن الفيلم جيد بشكل عام، ولكنه لا يترك أثراً كبيراً في عقل المشاهد، هو عمل مهم فيه فكرة جيدة، تم بناؤه بإخراج متوازن من قبلJoseph cedar فيما عدا النهاية التي كانت تستحق معالجة أفضل. وهو يستحق المشاهدة إذا ما رمينا هراء المجتمع الصهيوني وراء الظهور.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم