2011/11/21

The Secret of Kells 2009

The Secret of Kells
" المغامرة والمتعة البصرية في فيلم"


يعيش الفتى "براندون" في أحد القرى النائية في العصور الوسطى، تحت حصار وخوف من غارات البربريين. ولكن حياة المغامرة تدعوه إلى خوض غمارها عندما يجيء أحد الرسامين المشهورين من بلاد بعيدة حاملاً معه كتاباً أثرياً لم يتم الانتهاء من كتابته بعد. ويحوي هذا الكتاب أسرار القوة والحكمة.

ولكي يساعده "براندون" على إتمام هذا الكتاب السحري, يقوم بغزو أسوأ مخاوفه وهو الذهاب إلى الغابة الخطيرة التي طالما حذره منها عمه، وفي هذه الغابة يرى المخلوقات الأسطورية التي تختبئ فيها. وبينما هو في جولته يلتقي بالجنية "آيسلينغ" وهي فتاة غامضة صغيرة، تساعده للقيام بمهمته.

 ولكن مع اقتراب البربريين وتضييقهم الخناق على القرية يزداد إصرار "براندون" وعزمه على إنهاء الكتاب بنفسه، وذلك لإضاءة الظلمة التي تحيط بهم، ليؤكد للجميع أن الثقافة والمعرفة هي الحصن الأقوى لمواجهة الشر..
 

تحليل الفيلم:

أعتبر فيلم "أسرار كيلز" أحد أجمل أفلام الأنيميشن التي شاهدتها، وبالرغم من بساطة رسومياته التي اكتفى المنتجون بجعلها ثنائية الأبعاد إلا أن الفيلم غنى جداً من الناحية البصرية، وهو يقدم للمتفرج رحلة سحرية في عالم لا يوصف، مليء بالألوان والشخصيات والمخلوقات العجيبة في إطار درامي فكري ممتع. وتعطينا المغامرة المثيرة في الفيلم شعوراً بأننا أمام فيلم متميز استطاع جمع الكثير من مميزات العمل الناجح وبأبسط طريقة ممكنة.

وبالحديث أكثر عن الرسوميات فهي منفذة بدقة كبيرة على يد أفضل الرسامين، وأغناهم من حيث سعة المخيلة، والقدرة الهائلة على خلق عوالم عجيبة لم نكن نتوقع وجود مثلها.
وهذا ما يدعم الأجواء الخاصة للفيلم وتعطيه سمة فنتازية محببة إلى القلب تأخذنا بعيداً عن العالم الكئيب وقسوة الحياة.
وقد تفنن الرسامون في الفيلم بجعل كل مشهد من مشاهده تحفة بحد ذاته فكل منظر نراه يتسم بألوان مميزة عن باقي المشاهد في الفيلم، وهذا ما يجعلنا نتابع الفيلم بشغف واستمتاع، بل وفي النهاية نتمنى لو كان الفيلم أطول قليلاً لنستزيد من هذا الإبداع.

ويعيب على الفيلم قليلاً قصر مدة مدته فهو لا يتجاوز الساعة والربع، ولكن على النقيض فهذه ميزة ربما تحسب للفيلم برغم ذلك، حيث استطاع العمل ككل أن يوصل العديد من الأفكار والمشاهد المتميزة خلال فترة قصيرة من الزمن وهذا يدل على قوة الطرح وإحكام العمل من الناحية الإخراجية والسينمائية.

شخصيات الفيلم جذابة ممتعة ويتم تقديمها بسلاسة كبيرة من خلال إبراز معالم كل شخصية وآرائها عبر بضعة جمل بسيطة يكون لها أبرز الأثر في بناء فكرة عقلية أساسية تحدد كيفية نظرتنا لهذه الشخصيات، وأهم هذه الشخصيات ولا شك هي شخصية الغلام "براندون" الذي يظهر نشاطه ومرحه منذ بداية الفيلم وهو يلاحق البطة بكل إصرار في افتتاحية الفيلم، وهو مثال الشخصية الجميلة المحببة إلى النفس، ولكن للأسف يوجد دائماً من يهيمن على أفكار الناس ويجبرهم على فعل ما يريد، وهذا يتجلى في شخصية عمه "آبوت" الذي يجبر الجميع على بناء السور العالي ليمنع البربريين من دخول المدينة، وهو يشكل حاجزاً نفسياً أمام "براندون" لفعل الأشياء التي تمليها عليه شخصيته الشابة.

أما شخصية الرسام الشهير "آيدن" صاحب الكتاب النادر فهو ذو شخصية أبوية، ويظهر محباً للناس من حوله ويحاول أن يعطي "براندون" شيئاً من حريته المفقودة ويدعم ثقته بنفسه عندما يطلب منه مساعدته في إتمام الكتاب العظيم.
وعندما يذهب براندون إلى الغابة يقابل الجنية "آيسلينغ" التي تمثل الوحدة والانعزال عندما تطلب من "براندون" عدم العودة مرة أخرى إلى الغابة، ولكنها لم تفقد حبها للغير ورغبتها في المساعدة عندما تدل "براندون" على مكان وجود الثمار التي يصنع منها الحبر المشع اللازم لإتمام الكتاب.

ولا شك أن ثيمة الفيلم بشكل عام تحمل طابعاً تبشيرياً، وهذا ظاهر من جميع أحداث وملامح الفيلم، ويؤكده أن الكتاب النادر الذي يجب إتمامه هو كتاب يحمل الهداية للبشر بأسرهم وهو دليلهم إلى مواجهة الشر، وهذه الأفكار تعيدنا إلى فيلم يحمل نفس الطابع العام وهو "كتاب إيلاي" للممثل "دينزيل واشينغتون"، وأعتقد أن هذه هي الفكرة التي حاول الفيلم أن يطرحها بشكل مكثف.

ويمكن أن نجد أن لشخصيات الفيلم إسقاطات على أنماط معينة من الناس في عالمنا، فشخصية العم "آبوت" هي الشخصية ذات الفكر المتحجر التي تجبر الجميع على العمل وفق رغبتها، وذلك لإنجاز ما تعتقد وحدها أنه الأفضل، ودون الاستماع إلى آراء الآخرين.
أما شخصية "براندون" فهي تمثل الناس المبدعين المتميزين الذين تم قتل إبداعهم بواسطة أناس قد يكونون أقرباءهم ولكنه محوا من نفسياتهم كل شعور بالحرية والجمال. وكل ما يلزم هؤلاء المبدعين هو تحفيز بسيط ليتخطوا الحدود التي رسموها لأنفسهم، ويطلقوا العنان لأفكارهم الرائعة.
ويجسد الساكنون في القرية مجموعة الناس الذين لا رأي لهم، فهم يقومون بتنفيذ ما يرسمه لهم غيرهم من خطط دون أن يفكروا: هل هذا ما يريدونه فعلاً؟

ولا يسعني إلا أن أقول أن الفيلم ممتع وخفيف، وهو يبقى في ذاكرة من شاهده لمدة طويلة، بفضل الغنى الفكري والبصري الكبير لهذا العمل الذي ترشح لأهم الجوائز العالمية ومنها الأوسكار، وتم عرضه في العديد من المهرجانات الكبرى، ليؤكد أن الميزانيات الكبيرة، والأفلام الضخمة ليست هي الوحيدة القادرة على جذب انتباه الجمهور وحبهم..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Alexa

زوارنا اليوم